رأي أكاديميون في تحديات تواجه التحول الرقمي في التعليم
لا شك أن دولة الإمارات تتبنى رؤى استشرافية واضحة لمستقبل التعليم، الذي يرتكز على التكنولوجيا المتقدمة والحلول الرقمية، التي تتمتع بالمرونة والقدرة على الوصول إلى الطلاب أينما كانوا وفي أي وقت، بما يضمن توفير فرص تعلم شاملة وعادلة للطلاب في كل مكان في العالم ، رغم ان التحول الرقمي يقدم للجامعات الكثير من الوعود المستقبلية، فإنه يفرض تحديات تواجهها الجامعات في هذا الشأن ليست قليلة الشأن.
وأكد أكاديميون أن الثورة الرقمية غيّرت قطاعات مختلفة بشكل كبير، والتعليم ليس استثناءً من هذا التحول الذي يواجه عدداً من الفرص والتحديات، ومن ضمن الفرص أن التكنولوجيا الرقمية أدت إلى إضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم من خلال توسيع نطاق الوصول إليه، من خلال إتاحة وتمكين الأفراد من الوصول إلى التعليم في أي مكان وفي أي وقت عبر منصات التعلم عبر الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول والموارد التعليمية مفتوحة المصدر.
وبيّنوا أن هناك 5 تحديات مهمة تواجه التحول الرقمي في التعليم وهي: أن الفجوة الرقمية بين أولئك الذين يستطيعون الوصول إلى التكنولوجيا والذين لا يستطيعون الوصول إليها قد تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في التعليم، وكذلك الركون إلى التعليم التقليدي، وانتشار تصورات مفاهيم مغلوطة حول التعلم الذكي وماهيته، وعدم اكتمال البيئة التشريعية والقانونية والمالية الملائمة لهذا النوع من التعليم، وإحجام قوى اقتصاد السوق عن مساندة ومواكبة تطلعات مؤسسات التعليم التي تتبنى التعلم الذكي.
فيما ذكروا 9 ركائز تعمل على تسهيل هذا التحول وهي: تهيئة البنية التحتية، الحوكمة، الرؤية، توفير الأدوات والكوادر الداعمة لهذا التحول، والتماهي مع القيم وعادات المجتمع، وإشراك المجتمع في عملية التحول، والتحول العابر للمؤسسات، وإعداد المؤسسات التعليمية والأكاديمية خططاً استراتيجية للتحول الرقمي، والأمن الإلكتروني.
الأمن السيبراني
وأوضح الدكتور عيسى البستكي أن وظائف المستقبل ستكون ذكية وستعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة كإنترنت الأشياء والحوسبة السحابية والنانوتكنولوجي وكلها تقنيات نبني عليها كل البرامج والتخصصات، ولذا فإننا نتجه للمستقبل بخطى سريعة تعتمد على أدوات المستقبل، والتي تعتمد على الأمن السيبراني المعلوماتي والذكاء الاصطناعي، ولذلك عندما افتتحنا كلية الهندسة وتقنية المعلومات منذ أكثر من 6 سنوات استحدثنا فيها تخصص الأمن السيبراني، وتخصص الذكاء الاصطناعي ضمن تقنيات المعلومات، لنضمن حماية وأمن معلومات المؤسسات ومن ضمنها المؤسسات التعليمية والأكاديمية تمهيداً للتحول الرقمي.
جودة المخرجات
من جهته جزم الدكتور منصور العور رئيس جامعة حمدان بن محمد الذكية، بأن التعلم الذكي آتٍ لا محالة، وقال إن هناك 3 تصورات رئيسية خاطئة وشائعة حول منظومة التعلم الذكي وهي: الخلط بين التعليم عن بعد والتعلم الذكي، أن التعلم الذكي لا يلائم جميع الدارسين، أن مؤسسات التعلم الذكي تتهاون في جودة هذا النوع من التعليم وجودة مخرجاته.
وأكد الدكتور العور ضرورة تصحيح هذه المفاهيم المغلوطة عن التعلم الذكي، استعداداً للتغيرات الشاملة في مشهد التعليم، والتي هي لا محالة قادمة، ويرى أن وسائل الإعلام تتحمل نصيباً من مسؤولية تنبيه الجمهور إلى مزايا التعلم الذكي، وأهمها تمكين الجامعات ومؤسسات التعليم من إكساب منتسبيها من الطلاب المهارات التخصصية إلى جانب المعارف الأكاديمية، وهي ميزة تكاد تكون حكراً على هذا النهج في التعليم.
وأوضح الدكتور العور أن دولة الإمارات سبّاقة في إدراك أهمية التحول الرقمي وإطلاق مبادرات في هذا الشأن بما في ذلك التعلم الذكي، كما بادرت منذ عقدين إلى اعتماد هذا النهج الجديد في التعليم، بدليل ترخيصها واعتمادها لجامعة حمدان بن محمد الذكية، إلا أن مواكبة التطورات العالمية فيما يخص اندماج التقنية والتعليم تتطلب تسريع وتيرة استصدار التشريعات والقوانين الداعمة لتسريع التحول الرقمي، بما ينعكس إيجاباً على انتشار التعلم الذكي وتحسين صورته لدى سوق العمل.
خطط استراتيجية
من ناحيته أوضح الدكتور يوسف عساف رئيس جامعة روشستر للتكنولوجيا بدبي، أن التحول الرقمي في التعليم يستند إلى 9 ركائز أساسية وهي: تهيئة البنية التحتية، الحوكمة، الرؤية، توفير الأدوات والكادر الداعم لهذا التحول، التماهي مع القيم وعادات المجتمع، إشراك المجتمع في عملية التحول، التحول العابر للمؤسسات، إعداد المؤسسات التعليمية والأكاديمية خططاً استراتيجية للتحول الرقمي، والأمن الإلكتروني.
وبيّن أن البنية التحتية لا تشتمل فقط على توفير الأدوات التكنولوجية وإنما تشمل أيضاً تدريب وتأهيل المعلمين والأكاديميين للتعامل مع التطورات التكنولوجية، وتسليحهم بالمهارات الإبداعية والقيادية ومهارات اتخاذ القرارات الجريئة.
وأكد أهمية تحويل الجامعات إلى بيئات عمل من خلال الشراكات مع المجتمع الصناعي، والتأكد من حماية معلوماتها ومعلومات الطلبة والعاملين فيها عبر الشبكة العنكبوتية.
الأخلاق أصل القيم
من جهته يقول الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن مدير جامعة الوصل بدبي: إن الأخلاق أصل قيام المجتمعات، وبقائها، وازدهارها، وتطورها، وطريقها لإعداد جيل قادر على مواجهة التحديات، ونتيجة للتطور التقني والعلمي الذي سيسهم في تحويل التعليم إلى رقمي وهو أسلوب يعتمد على الشبكة العالمية للمعلومات بقصد إيصال مضامين تعليمية للمتعلم، تضعه أمام تحديات بسبب كمية ونوعية المعلومات ومضامينها المتاحة عبر شبكة الإنترنت والتي قد تؤثر على الأخلاق.
وأكد الدكتور عبد الرحمن ضرورة تعزيز مهارات التفكير الناقد، والفهم، والتفسير، والتحليل لدى الطلبة، بهدف خلق حصانة أخلاقية لديهم وجعلهم قادرين على انتقاء المضمون العلمي المناسب من شبكة الإنترنت العالمية، والذي يتوافق مع دينهم وقيمهم ومبادئهم.
حلول استباقية
وتقول الدكتورة شاكيل اجنيو أخصائية علم النفس الصناعي وأستاذ مشارك بجامعة هيريوت وات دبي، إن التقدم التكنولوجي والتحولات المجتمعية والتحديات البيئية والتطورات الجيوسياسية تعيد تشكيل العالم بوتيرة سريعة غير مسبوقة في أسواق العمل العالمية، وفي ظل هذه التحديات، يقف التعليم باعتباره الركيزة الأساسية التي يعوّل عليها في إيجاد الحلول الاستباقية والمبتكرة.
وأشارت إلى أنه وفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023 حول مستقبل الوظائف، فإنه من المتوقع حدوث تحول كبير داخل سوق العمل العالمي قبل عام 2027، وسوف يحتاج أكثر من نصف القوى العاملة إلى التدريب للتكيف مع هذه التغييرات، فيما سيتم منح المهارات التحليلية أولوية كبيرة، يليها التفكير الإبداعي.
وأضافت أن التقرير أكد أولويات أصحاب العمل في الاستثمار في تطوير القيادة، والتأثير الاجتماعي، والمرونة، وتوفير التدريب المستمر للقوى العاملة.
فجوة
وأوضحت أنه مازالت هناك فجوة بين المهارات المطلوبة لسوق العمل المستقبلي وبين البرامج الأكاديمية، مما يستلزم إعادة هندسة أساليب التعلم، والتعاون بين أطراف العملية التعليمية لتشكيل مستقبل تعليمي أفضل، إذ لم يعد التعليم التقليدي يلبي احتياجات المستقبل وتحدياته.
0 Comments: