تجتمع قادة دول بريكس ذات الاقتصادات الناشئة، والتي تمثل نحو ربع ثروة العالم، وذلك اعتباراً من أمس الثلاثاء، في ضيافة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا و يستمر حتى يوم غد الخميس.
وتهدف القمة إلى توسيع نفوذ التكتل بما يتناسب مع تغيرات المشهد العالمي، والتحول في السياسة العالمية، ومن بين أهم الملفات التي ستتم مناقشتها خلال القمة انضمام العديد من الدول لعضوية التحالف، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ويمثل تحالف بريكس دولا تضم مليارات الأشخاص عبر ثلاث قارات، وأعلنت جنوب أفريقيا أن أكثر من 40 دولة أبدت اهتمامها بالانضمام إلى المجموعة، فيما قدّمت 23 دولة طلبات رسمية لذلك.
مواكبة المشهد الاقتصادي
وفي هذا السياق قال رئيس قسم الأبحاث وكبير المحللين في مجموعة Equiti، رائد الخضر، إن الانضمام إلى تحالف بريكس يعد هدفاً إستراتيجيا بالنسبة لدولة الإمارات، وذلك لاعتمادها استراتيجية سباقة بشكل واضح تهدف لزيادة الانتشار التعاون الاقتصادي والاندماج والانخراط في التحالفات الاقتصادية الجديدة، التي قد تشكل الواجهة الجديدة للعالم.
وأضاف الخضر أن أهمية ذلك تكمن أيضاً في أن تكتل بريكس، يهدف بشكل رئيسي إلى إيقاف هيمنة القطب الواحد بالنسبة للعالم، وذلك تأكيداً على أهمية وجود توازن بالقوى الاقتصادية والسياسية عالمياً.
انعكاس إيجابي
وفيما يتعلق بالإيجابيات المصاحبة لهذا الانضمام، يرى الخضر، أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت سباقة دوماً للانخراط بالشراكات والاستراتيجيات، التي ينتج عنها المزيد من التعاون و التكامل الاقتصادي، الذي سيحدث بين دول البريكس، لاسيما وأن الإمارات لديها بالفعل اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، بينها وبين الهند العضو في التحالف، وكذلك يجمعها تعاون اقتصادي وثيق مع أعضاء التحالف الآخرين.
وأشار إلى أن الانضمام إلى تحالف بريكس سينعكس على نحو إيجابي كبير على الاقتصاد الإماراتي، لاسيما وأن التحالف في طريقه للتوسع بشكل أكبر، وهذه الإضافة سوف تكون التوسع الثاني لهذا التكتل بعد انضمام جنوب إفريقيا، وخصوصاً أن التكتل أصبح يمتلك بنكاً وهو بنك التنمية الجديد في الصين وكذلك صندوق التكتل.
كما يرى أن انضمام دولة الإمارات العربية المتحدة، سيكون عاملاً مهماً جداً من الناحية الاقتصادية والمالية للتحالف، كما يدعم هذا الانضمام مهمة التنمية ودعم الدول النامية التي يسعى إليها التكتل من خلال مطالب الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.
ويرى الخضر أن الحظوظ كبيرة جداً في أن يتم قبول هذا الملف وحدوث الانضمام الفعلي، مؤكداً أن هذا التكتل هو عبارة عن انطلاقة جديدة لوجه لاقتصاد العالمي، وخاصة وسط التحديات الراهنة المرتبطة بمعدلات التضخم المرتفعة حول العالم، وصعوبة التمويل وارتفاع تكاليف التمويل، نتيجة رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية حول العالم لمحاربة التضخم، مما يضغط على الاقتصادات الناشئة والنامية، وكذلك التواترات الجيوسياسية العالمية، التي تزيد من الضغوط الاقتصادية والتي تستلزم وجود تقارب أكبر في وجهات النظر، مؤكداً أن وجود مثل هذا التحالف سيخدم بلا شك تحقيق التوازن العالمي، والإمارات بلا شك سباقة لأن تكون في طليعة الدول المؤثرة اقتصادياً، وعلى المشهد السياسي العالمي، من خلال تقريب وجهات النظر وتحقيق التعاونات والاستراتيجية التي تخدم الاقتصاد الإماراتي والاقتصاد العالمي.
انفتاح في الأسواق وتوسيع الاستثمارات
ومن ناحيته قال أستاذ العلاقات الدولية ومختص العلاقات الدولية لدول الخليج والشرق الأوسط في معهد كارينغي، عبدالله باعبود، في تصريح لإرم الاقتصادية، إن أهمية انضمام الإمارات لتحالف بريكس تكمن في أنه تحالف من أكبر التحالفات في العالم إن لم يكن أكبرها، حيث تجاوز دول مجموعة السبع من ناحية حجم الاقتصادات، ويضم دولاً واقتصادات كبرى تضم نصف سكان العالم، وتشكل ربع الاقتصاد العالمي، وجميع الأعضاء من دول الاقتصادات النامية، التي سيكون لها مستقبل باهر ومشرق.
ويرى باعبود أن انضمام الإمارات التي تعتبر من أكبر الأسواق الخليجية، سيعزز من الانفتاح بين الأسواق المشتركة، ولا سيما أن دولة الإمارات تمتلك اقتصاداً وأسواقاً مفتوحة ولديها العديد من الاستثمارات في الكثير من دول العالم، مما سيسهل لها الانضمام للمجموعة وتعزيز التعاون الاستثماري بشكل أكبر.
وأوضح أن الانضمام سينتج عنه من الناحية الاقتصادية، مردود مهم وكبير بالنسبة للإمارات ودول بريكس، حيث سينتج عن الانضمام العديد من المصالح والفوائد الاقتصادية في المقام الأول، والتي تتعلق بتوسيع حجم الأسواق ومجالات الاستثمار، مشدداً على أن جميع دول بريكس دول ناشئة ونامية، واقتصادات جديدة وليس لديها تحفظ في الاستثمار وشروط كالدول الغربية.
وأكد أن هنالك تعاوناً أكبر وفائدة أكبر للجانبين، وخاصة أن الإمارات تمتلك صناديق احتياطية كبرى، فمن الناحية الاستثمارية ستكون هناك فوائد مشتركة، مشيراً إلى التغيرات الأخيرة التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية، حيث أصبحت صادرات دول الخليج النفطية تتجه نحو الشرق أكثر من الغرب، ولاسيما للهند والصين، مؤكداً أنه في النهاية ستكون هناك فوائد ضخمة للطرفين.
الانضمام سينتج عنه مردود اقتصادي مهم بالنسبة للإمارات
أستاذ العلاقات الدولية ومختص العلاقات الدولية لدول الخليج والشرق الأوسط في معهد كارينغي
%25 من الاقتصاد العالمي
تمثّل بريكس الآن 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و42% من سكّان العالم، وأكثر من 16% من التجارة العالمية.
وساهمت مجموعة بريكس في توليد 30% من إجمالي النمو الاقتصادي العالمي منذ عام 2001.
وفي يونيو الماضي، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن انضمام دول عربية إلى التحالف ومن بينها الإمارات، يثري المجموعة ويعزز من التكتل، ويحقق استفادة كبرى للطرفين، كما يسهم في إعادة التوازن للاقتصاد العالمي.
وتعدّ الإمارات من أوائل المساهمين، من خارج دول بريكس في "بنك التنمية الجديد" الذي يسعى لمنافسة "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" في تمويل المشاريع التنموية.
وفي يونيو الماضي، أكد وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، خلال مشاركته في اجتماع أصدقاء بريكس الذي عقد في مدينة كيب تاون بجنوب أفريقيا، أن دولة الإمارات التي لطالما كانت مدركة وداعمة للأهمية الاستثنائية، التي تتبوأها مجموعة بريكس على الساحة الدولية، تتطلع للانضمام إلى المجموعة ولتوسيع وتعميق أواصر التعاون بين الطرفين.
وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة مساهماً رئيسياً كشريك لمجموعة بريكس ودولها الأعضاء، لاسيما في دورها كمصدر للطاقة، ودعمها لأهم القضايا التي تتعلق بالدول النامية، إلى جانب العمل المشترك والتنسيق المتعدد الأطراف.
كما تمتلك الإمارات العديد من الاستثمارات في دول مجموعة بريكس، في عدد من المجالات منها البنية التحتية والأمن الغذائي والطاقة النظيفة والنقل والصناعة.