"براكة "الامارات نقلة نوعية في مجالات البحث والتطوير
يتضمًن "نموذج براكة" استراتيجية بعيدة المدى،حيث يعد تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية التي قامت به مؤسسة الامارات للطاقة النووية منذ 10 سنوات نموذججديد في قطاع الطاقة يحتذى به في كثير من الدول في برامج سلمية جديدة للطاقة النووية حيث انه هذه الاستراتجية تستشرف المستقبل، وخريطة طريق واضحة المعالم، وهيكلا إداريا وماليا متفردا، وهو مساهم رئيسي في إحداث نقلة نوعية في مجالات البحث والتطوير، إلى جانب تطوير محطات براكة التي بدأت أولاها التشغيل التجاري وأصبحت المساهم الأكبر في خفض البصمة الكربونية في دولة الإمارات العربية المتحدة وبالإضافة لدعم جهود الدولة في مواجهة ظاهرة التغير المناخي.
فبعد نحو سبع سنوات فقط من تأسيسها، انتقلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى مرحلة جديدة من التطور الإداري من خلال اعتماد هيكلية إدارية متقدمة تضمن استدامة مشروع محطات براكة، حيث وقعت في العام 2016 اتفاقية "الائتلاف المشترك" مع الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) بعد اختيارها كمقاول رئيسي للمشروع، وهي اتفاقية تُعنى بالشراكة طويلة الأمد وتعزيز التعاون بين الجهتين. وقدمت المؤسسة بهذا الائتلاف نموذجاً غير مسبوق في دولة الإمارات، يقوم على الشراكة من أجل الاستدامة.
وبموجب هذا النموذج الجديد من الشراكة في تطوير محطات الطاقة النووية، تم تأسيس شركتين متخصصتين أولاهما هي شركة نواة للطاقة التي تتولى تشغيل وصيانة محطات براكة الأربع، والأخرى هي شركة براكة الأولى التي تتولى إدارة الجوانب المالية والتجارية والتمويلية للمحطات، التي تطورها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي .
وكانت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية و"كيبكو" أعلنتا في أكتوبر/تشرين الأول 2016، عن اتفاقية تمويل مشروع محطات براكة، حيث تُقدر متطلبات تمويل المشروع الإجمالية بمبلغ 24.5 مليار دولار أمريكي، في حين واصلت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إعداد الخطط المستقبلية من خلال توقيع ذراعها المالية شركة براكة الأولى و"كيبكو" مذكرة تفاهم للتعاون من أجل تطوير "نموذج براكة" بهدف استشراف الفرص المتاحة في الأسواق الجديدة للطاقة النووية.
وعلى هذه الأسس مضت المؤسسة في تطوير محطات براكة تستند في ذلك إلى عوامل متعددة للتميز، في مقدمتها دعم القيادة الرشيدة إلى جانب اتباع المؤسسة نهج الإدارة الدقيقة التي تستند إلى خريطة طريق واضحة المعالم.
وما كان لخريطة طريق المؤسسة ورؤيتها المستقبلية أن تكون بمثل هذا الوضوح من دون مرجعية محكمة، تتمثل في وثيقة "سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة المتبعة لتقييم وإمكانية تطوير برنامج للطاقة النووية السلمية في الدولة" التي صدرت في العام 2008، وتضمنت مبادئ وركائز رئيسية في مقدمتها السلامة والجودة والشافية وعدم الانتشار النووي، والتعاون الدولي، إضافة إلى عقد الشراكات مع حكومات الدول المسؤولة والمؤسسات ذات الخبرة المناسبة.
وعلى هذه الأسس صاغت المؤسسة أهدافها وقيم العمل لديها، والتزمت بأعلى المعايير العالمية المعمول بها في قطاع الطاقة النووية السلمية، ومضت في تطوير محطات براكة من أجل مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
وبفضل التزام وتفاني فرق العمل لدى المؤسسة والشركات التابعة لها، لم يتأثر الجدول الزمني للمحطات بانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي أثر على غالبية القطاعات حول العالم، وتواصلت الإنجازات الاستثنائية في موقع المحطات.
ففي السادس من أبريل/نيسان الحالي، بدأت أولى محطات براكة التشغيل التجاري وذلك للمرة الأولى في العالم العربي، وبدأت في إنتاج نحو 1400 ميغاواط من الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة للمنازل وقطاعات الأعمال في كافة مناطق الدولة وعلى مدار الساعة.
وفي مارس/آذار 2021، أكملت فرق العمل في شركة نواة للطاقة التابعة للمؤسسة تحميل حزم الوقود في مفاعل المحطة الثانية، بعد حصولها على رخصة التشغيل من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الشهر نفسه، حيث تستعد فرق العمل لإجراء سلسلة من الاختبارات التي تسبق عملية بداية تشغيل مفاعل المحطة، والرفع التدريجي لطاقة المفاعل في إطار "اختبار الطاقة التصاعدي"، وصولاً إلى التشغيل التجاري خلال عدة أشهر.
وتحققت هذه الإنجازات بفضل المهنية العالية لفرق العمل التي تضم خبرات من أكثر من 50 جنسية تقودها كفاءات إماراتية مؤهلة وفق أعلى مستويات التحصيل العلمي والتدريب العملي، في أرقى المؤسسات الأكاديمية ومحطات الطاقة النووية في العالم، اجتازت خلالها برامج تدريبية متقدمة تصل مدتها إلى نحو سبع سنوات.
كما تأكدت أكثر جدوى بناء أربع محطات متطابقة في ذات الآن، فيما يخص التكلفة وتطبيق الدروس المستفادة من كل محطة على المحطة التي تليها، وهو ما مكن من وضع جدول زمني للإنجاز بفارق نحو 12 شهراً بين المحطات الأربع.
وفور تشغيل كافة محطات براكة ستساهم في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي، بتوفير ما صل إلى ربع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة،وفي نفس الوقت تحد من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام، وهوما يعادل تحييد الانبعاثات الصادرة من قطاع النقل بأكمله في الدولة، وهو ما يعادل أيضاً نحو 15% من نصيب الفرد من هذه الانبعاثات كل عام.
وفي إطار مواكبتها لآخر التطورات والمستجدات العلمية والتقنية المرتبطة بقطاع الطاقة النووية السلمية، وضعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية ركائز أساسية لمسار البحث والتطوير، وذلك بعدما نجحت في تأسيس قاعدة علمية مهمة تقوم على الكفاءات الإماراتية التي تقوم بدور أساسي في عملية تبادل المعارف والخبرات مع مختلف التجارب العالمية في هذا المجال.
ففي أبريل/نيسان 2021، وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مذكرة تفاهم مع جامعة آجو، المؤسسة البحثية الرائدة في كوريا الجنوبية، وذلك للتعاون في مجال البحث والتطوير والابتكار. وتأتي مذكرة التفاهم هذه في إطار التزام المؤسسة تجاه البحث والتطوير في مجال الطاقة النووية والقطاعات ذات الصلة، وذلك لدعم التطبيقات المستقبلية في هذا القطاع وبما يتماشى مع استراتيجية المؤسسة على المدى الطويل. كما سيساهم البحث والتطوير في التوصل إلى حلول مبتكرة تعزز التنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وفي مارس/آذار 2021، وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية والشركة الكورية للطاقة المائية والنووية، مذكرة تفاهم للتعاون في البحث والتطوير في مجالات الطاقة النووية المختلفة، والبناء على ما تحقق من تبادل مهم للمعارف، وتعزيز إمكانيات محطات براكة لتوفير المزيد من العوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لدولة الإمارات على مدى السنوات الستين المقبلة وما بعدها.
وكان وفد من القيادة العليا في المؤسسة زار في يناير/كانون الثاني 2020 العاصمة الأمريكية واشنطن لتسليط الضوء على التقدم المتواصل في البرنامج النووي السلمي الإماراتي، وبحث التعاون فيما يخص تقنيات الاستدامة والطاقة الصديقة للبيئة.
وفي يوليو/تموز 2019، وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية مذكرة تفاهم مع المؤسسة الصينية للطاقة النووية، لوضع إطار عمل لآفاق التعاون في مجالات تطوير المنشآت النووية الجديدة، وتبادل أفضل الممارسات في مجال العمليات التشغيلية والصيانة، ودورة مشتريات الوقود، والأبحاث والتطوير، بالإضافة إلى الاستدامة والحفاظ على البيئة.
وفي موازاة ذلك، ساهمت مؤسس الإمارات للطاقة النووية في تأسيس مركز الإمارات للتكنولوجيا النووية الذي تم افتتاحه في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في جامعة خليفة في العاصمة أبوظبي، والذي يعد منصة ابتكار مخصصة لتكنولوجيا الطاقة النووية السلمية واستدامتها، حيث يسهم المركز من خلال مشاريعه وجهوده البحثية، في توفير الفرصة للكفاءات الإماراتية للعمل مع الخبراء العالميين وإجراء الأبحاث المتطورة.
ولا تقتصر فوائد محطات براكة على إنتاج الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة، بل تتعدى ذلك مستقبلاً إلى المساهمة الفاعلة في توظيف تقنيات الطاقة النووية في مجالات مختلفة مثل الطب والزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، وحتى استكشاف الفضاء، حيث تعتمد وكالة "ناسا" الأمريكية للفضاء على الطاقة النووية في بعثاتها للفضاء الخارجي وآخرها لكوكب المريخ.
كما تمهد محطات براكة الطريق لتطوير مصادر جديدة للطاقة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة مثل الهيدروجين الأخضر، ولا سيما أن مؤسسة الإمارات للطاقة النووية هي شركة تتبع لـ"القابضة" (ADQ) والتي وقعت في يناير/كانون الثاني 2021 مذكرة تفاهم مع شركة مبادلة للاستثمار "مبادلة" وشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" لتأسيس "ائتلاف أبوظبي للهيدروجين"، بوصفه مصدراً جديداً للطاقة الصديقة للبيئة، حيث تمتلك الطاقة النووية أهم مكونين لإنتاج الهيدروجين الأخضر، هما الحرارة والبخار عالي الجودة.
كما تحمل الآفاق المستقبلية، تكريس "نموذج براكة" التي طورته مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، للمكانة الريادية لدولة الإمارات العربية المتحدة في قطاع الطاقة الصديقة للبيئة على المستوى العالمي، وإبراز اهمية الجهود التي تقوم بها للمساهمة في مواجهة ظاهرة التغير المناخي، فضلاً عن إمكانية تصدير المعارف المتقدمة والخبرات المتطورة التي باتت تمتلكها الدولة في قطاع الطاقة النووية السلمية، هذا القطاع العلمي الذي تمكنت الدولة من تطويعه لرفاهية الإنسان واستدامة البيئة.
ويتم ذلك وفق رؤية واضحة تقوم على إنجاز هذا المشروع العملاق والأول من نوعه في العالم العربي بالاعتماد على الدور القيادي للكفاءات الإماراتية والتي تمكنت في وقت قياسي من امتلاك المعارف والخبرات المتميزة في هذا القطاع التقني المتقدم.
0 Comments: